الثلاثاء، 6 سبتمبر 2005

الأصل

لم يزلْ يتنفّسُ هذا الشّقيُّ 
قادوه مرّة أُخرى إلى الكِذْبةِ بالسّلاسلْ 
لكنّه عادَ أدراجَهُ واقفًا
يطوفُ محمومًا حوْلَ بوّابةِ الدُّنيا
سيحفرُ خندقًا كيْ يمرَّ من تَحْتِهَا نحو أسْرارِهِمْ
يُجَرِّحُ ثوبهمْ
يحرّرُ ما خَلْفَهُ منْ هواءٍ
قادُوه مرّةً أُخرَى وعادَ
يزغرد أنفاسَهُ المكتومَةَ مثل أعْراسٍ بلا أحَدٍ
ويطلقُ أجْسَادَهُ تركضُ وحْدَهَا في الغرْبةِ الواسِعهْ
ألْفَتُهُمْ من الوَرَقِ المُقوَّى قد انكمشَتْ تمامًا
ليْسَ سِوَى الواجهاتِ مملوءةً بالثّقوبِ 
و باتّساخِ يديه الصّافيتينِ
قادوه مرّةً أُولَى وعاد
لم يأته الله معتذرًا عنْ غِيَابِهِ.. حِينَ كَان يُصَدِّقُ جمرةَ صَبْرهِ
،الآن والجدرانُ آلهةٌ
تنطفئ كُلُّها الانتظارَاتُ فوق دمائِهِ البَارِدَهْ
الأيّامُ الّتي انْكشفَ عُريُها في خجلٍ تجْمعُ عُلبَةَ وقتِهَا
...كيْ تنامَ مِنْ تلقاءِ ذاتِهَا في المُهْمَلاتِ
..لم يزلْ
يحفظُ قلْعَةَ رأسِهِ جَيِّدًا
ومياهَ قلْبِهِ العذْبةَ
يعدُّ في زهوٍ أصابعَهُ الغبيّةَ
كمْ منَ الحماقات قد كتبتْ ولم تذهبْ إلى الوقْتِ الثّريِّ
لم تحملْ من القمحِ والصّلواتِ زُوَّادَهَا
بلا رعْبٍ سوف تُهْدي للدُّودِ بصْمتَها وليكنْ
راضِيًا سوْفَ يُسَلّمُ أنفاسَهُ
راضيا سوف يصافح عدَمًا واضحًا لا يغُشُّ
لكنّه الآن حيٌّ يكسّر كواليسَهمْ
:يذهبُ كي يرى في الخفايا كيفَ يصْنعُ كِبارُ المدينةِ ناسها
لا تكفي خُصيتان وجيْبٌ وربطةُ عُنْقٍ لصُنْعِ رَجُلْ
لا يكفي قِرْطٌ وشعرٌ طويلٌ ونهدان ضخمان جدًّا
لصنع فتاة
قادوه مرّة أخرى وقد فاحتْ روائحُهم إلى حيثُ قادُوه
لم يقلْ إنّه مجنون بني عجْلٍ
في كلِّ يوْمٍ يُجَنُّ في مثل هذه السّاعةِ
فالجُنون مديحٌ أخيرٌ بعدُ لم يستحقَّ رُتبتَهُ
والموتُ واحِدةٌ وقد ماتها عدّةً
.فقط.. قال من دمه القصيدةُ... جاءتْ
.فقط.. قالوا ومن دمك الذّئبان... جاعتْ
ثمّ قادوه وعاد
يعُدُّ لم يزلْ حيّا كريّاته الباقيهْ
يحفظ نبرةَ صوْتِهِ لم يزلْ
يناطحُ الغيْمَ منْ يسقُط منهما أوّلًا
رأسُهُ المُمْطِرُ أمْ غيْمةُ اُغْمى عليها
يدفّئ خطوة الشّمْسِ في ثقوب جَواربه الباردهْ
يجُرُّ في صمْت رصيف ذاكرة المعارك آدمُ
بِعلمه آدمُ
...مهزوماً انحدر
من وحشةٍ ضِلْعُهُ... يتقوّسُ فيها
..إلى وِحْشةٍ فيها... ضاقت ضُلوعُ بَنِيهِ
بعلمه آدمُ مهزوما اعترف
..حوّاءُ خانته... في حضن خنّاسٍ
..في النّار أوجاعٌ
..في الطّين وسواسٌ
لماذا والأرضُ واحدةٌ
أبناءَك قسَّمت يا نوحُ
لبني سامٍ وبني حامٍ وبني يافثْ
وإلى سودٍ وإلى حُمْر وإلى صُفْر وإلى بيض
قبْل الأوانِ زُلزِلتِ الأرضُ زلزالها يا نوحُ
أنقذت من غرق الماء أزواج الدّجاج
..ولم تنقذ من غرق الدَّمِّ أرواحَ بنيك
،وهُوَ...نائِيا جيِّدا لم يزلْ
يعشق طرُقًا لا تؤدّي إلى أصله الفاخرِ
،يصاحبُ شجرًا أو حصًى
..أو ربّما عانق شاعرًا للتّوِّ أو مبكرًا... قد عارك أصْلَهُ
..لم يزلْ
كلّما اكتشفوا عُريَهُم..قادُوه
في كلِّ مرّةٍ قادوهُ....عادَ