الاثنين، 21 مارس 2011

النّظام الدّكتاتوري والبنية الدّكتاتوريّة

في الشّارع، في المقهى، في الميترو، في سيّارة الأجرة، هنا وهناك داخل الاعتصامات، داخل حلقات النّقاش، كنت دائما ما ألاحظ استمتاعا وتفنّنا ومزايدة في شتيمة بن علي وزمرته من النّظام البائد، شتيمة كثيرا ما تتحوّل إلى سيلان هستيري يقارب الهذيان الّذي كثيرا ما يتحوّل بدوره إلى حوارات لاغية أحيانا وعنيفة أحيانا أخرى.. وقد جعلتني هذه الظّاهرة أعيد التّساؤل  عن طبيعة علاقة المواطنين والسّياسيّين منهم خاصّة بالنّظام. وعن قدر المسافة "الوجوديّة" التّي كانت تفصلهم عنه.. لا أعرف مدى جدوى هذا التّساؤل ولكنّه يبدو لي  مهمّا.. فقد بدا لي وكأنّ النّاس كانوا وما يزالون، في نوع من الالتصاق بالنّظام، سواء الذّين كانوا في صفّه  أو ضدّه.. التصاق أشبه ب"التّحرّش" السّياسي.. ممّا جعلني أخمّن أنّه إلى جانب النّظام الدكتاتوري، ثمّة شيء آخر ربّما هو "البنية" الدّكتاتوريّة.

وهما شيئان مختلفان تماما حسب رأيي.. إذ أنّك يمكن أن تتخلّص من نظام دكتاتوريّ دون أن تتخلّص من بنيته الدكتاتوريّة ولا أقصد بالبنية الدّكتاتوريّة  "بقايا الدّكتاتوريّة" في معناها المتداول إذ أنّها هي كذلك تعني بقايا النّظام وليس البنية.. النّظام هو شيء خارجك فيما البنية هي شيء داخلك.. ولعلّ الخلاص من البنية الدّكتاتوريّة هي الأعسر والأهمّ على الإطلاق.. إذ أنّه عليك أن تجتاز الطّريق بالمقلوب، من الخارج إلى الدّاخل،  من النّظام (وبقاياه) في معناه السّياسوي الضّيّق والمحدود  إلى  نفسك في علاقتك بذاتك أوّلا  وفي نظرتك للعالم وعلاقتك بالآخرين ثانيا...

ربّما لم يكفّ نظام بن علي على أن يفرض شفرته السّياسيّة الخّاصّة به سواء على معارضيه أو مؤيّديه

تماما مثلما فعل بورقيبة قبله، أي أنّ تّغوّلهما واستبدادهما في الحكم، كوّنا نوعا من النّمطيّة السّياسيّة والثّقافيّة، نمطيّة  وقع التّفاهم ضمنيّا حول محتواها وحول شفرتها أو كاتالوقها من الطّرفين ـ الخصمين ـ  أي أنّه وقع تحديد مجال المعركة و قواعد اللّعبة بنوع من التّغريب الفاضح والكاريكاتوري.

فالبولسة المفروضة على النّشطاء السّياسيّين من المعارضة قد أفرزت نوعا من البولسة العكسيّة تجعل من بعض الأحزاب والحركات تحتكم إلى تنظّم شبه عسكري يكون فيه الهاجس الأمنيّ هو الهاجس الأساسي والالتزام إلى الأوامر العسكريّة الحزبيّة هو القاعدة الوحيدة... هي نفس اللّعبة السّياسيّة.. هناك من يملك العصا وهناك من يملك العصا أيضا.. الأولى هي البوليس كجسم.. الثّانية هي البوليس كفكرة...

كما أنّ النّظام ومعارضيه قد اكتفا كلاهما بلعبة الغمّيضة، غمّيضة دمويّة وشديدة الخطر بطبيعة الحال ولكنّها غمّيضة غبيّة.. إنّها لعبة خارجيّة.. لعبة سلطة في معناها الحيازي.. لعبة نظاميّة وليست لعبة كينونة بالمعنى الواسع للكلمة.. شفرتها دكتاتوريّة من الجانبين، من جانب الحاكم ومن جانب "المحكوم" الغاضب.  

أمّا الرّقابة  فقد أفرزت إصرارا وعنادا من الدّرجة الأولى كردّة فعل مباشرة على المنع.. أي أنّ الرّغبة في الممنوع  أصبحت ملحّة أحيانا إلى درجة نسيان كلّ ما هو "مباح" ـ أقصد المفيد منه بالطّبع ـ وكلّ ما هو غير مشفّر لدى النّظام أو  ماهو ليس في صدام مباشر مع النّظام.. فعديد المسائل الّتي من المهمّ الانشغال بها والاشتغال عليها مثل الفلسفة أو الفنّ أو البيئة أو كلّ المسائل "اللّا سياسيّة" في المعنى المباشر للكلمة، عادة ما يقع تهميشها لصالح ما يسمّى ب"المسألة السّياسيّة" في معناها الصّدامي والمباشر.. صداميّة تغذّي عمليّة استبطان العنف و الاستبداد.... كأنّه ليس هناك اشتغال على الذّات بقدر ما هناك تركيز على الآخر- العدوّء -. كأنّه ثمّة مسافة للوجود قد تقلّصت تماما.. كأنّ المعركة استحالت معركة ملكيّة، ملكيّة للقوّة والبطش ولم تعد معركة كينونة فعليّة. وكأنّ خفّة القوّة انتصرت على ثقل الوجود...

ممّا لا شكّ فيه أنّ هذا الاحتقان نفسه وهذا "العنف" نفسه هما اللّذان أسقطا الطّاغية... ولكن إلى أين الآن؟؟؟ هل يعني هذا أنّنا سوف نتحوّل إلى طغاة بالمقلوب؟؟ أم أنّه علينا فعلا تغيير "شفرة" الحياة، والانتقال إلى الضّفّة الأخرى بتفاصيل مغايرة وقيم مغايرة، الضّفّة الّتي هي خارج الدّكتاتوريّة كنظام ولكن أيضا كبنية ذهنيّة و سلوك يوميّ، الانتقال من أسئلة : من سيحكم من؟ من سينتصر على من ؟ من سيمحو من؟ من سيكون "أغلبيّا" على من؟.. إلى أسئلة : كيف يمكن أن يكون لوجودي معنى؟ كيف أستطيع أن أحقّق كياني؟؟ كيف يمكن أن أكون لا حاكما ولا محكوما بل مواطنا حرّا وكريما وصاحب سيادة على وجودي؟؟

الأربعاء، 16 مارس 2011

Je ne suis personne donc je suis


Je n'ai jamais senti que j’étais un Tunisien, un Belge, un Russe ou un Suédois. Je n'ai jamais senti que j’étais un oriental ou un occidental, que j'appartenais à ceci ou à cela. Je ne comprends jamais ce genre de débat !!! Mais je sens toujours que je suis un humain qui est l’aboutissement de plein de civilisations qui se sont chevauchées, qui ont convergé, divergé… Je m'en fous… La contradiction  fait partie de moi de toute façon et c'est elle qui me pousse à penser et à être !!!