الأحد، 28 يوليو 2013

الشيخ مورو

السيّد طزّ حكمة عبد الفتّاح مورو الّذي لم يتوقّف عن تكرار عبارات : حكماء تونس ، عقلاء تونس ، رؤوس تونس المدبّرة ، السيّد طزّ حكمة الّذي يقطر لسانه عسلا و حكمة إلى درجة أنّه أفحم صحافيّ الوطنيّية الحياديّين و الوطنيّين جدّا ، أوضح موقفه في النّقاط التّالية :

الإرهاب معضلة عالميّة ضربت أمريكا و السّويد و بريطانيا و إسبانيا إلخ ، و الإنفلات الأمني في تونس سببه حلّ الجهاز الاستخباراتي المتمثّل في البوليس السّياسي

النّهضة غير مسؤولة جنائيّا بكلّ تأكيد و لكن لديها بعض المسؤوليّة السياسيّة في هذه المرحلة العسيرة و الصّعبة و هو أمر عادي

المجلس التّأسيسي هو درّة الوطن و ركيزته الشّرعيّة الوحيدة القائم حولها توافق الأطراف المتنازعة سياسيّا و من الغباء التخلّي عنه في الوقت الحالي لأنّ ذلك سيحملنا إلى الفراغ و المجهول ، أمّا تباطؤ المجلس في القيام بمهامّه فمنطقي و مشروع لأنّ هذه الأطراف المتنازعة بصدد التعرّف على بعضها البعض بعد أن كانت مقموعة و ممنوعة من الحوار في عهد بن علي و هم الآن بصدد التّآلف

:باهي يا سي مورو

أوّلا شكري بالعيد قتلته القاعدة و محمّد براهمي الجهاز السرّي الإرهابي للإنفصاليّين في البرازيل ، و لكن :
من اعتدى على مناضلي اتّحاد الشّغل بالهراوات في عقر داره و نوى قتل بعض المناضلين وسط وابل من العنف الهستيري ؟؟؟
من اعتدى بالرشّ على أهالي سليانة و أفقد العديد من الشّباب اليافع بصره لمجرّد تظاهره السّلمي؟؟
من هدّد بالقتل و السّحل و الحرابة و استباحة الدمّ في الشّوارع و التّلفاز و المجلس التّأسيسي و الجوامع و الجامعات ؟؟؟
من سحل لطفي نقض ؟؟
من حاكم جرحى الثّورة و اعتدى على عائلاتهم و روّعهم في منازلهم ؟؟؟
من قام بعفو تشريعي عامّ للقتلة و بائعي المخدّرات و مروّجي الأسلحة ، العفو الذّي طال إرهابيّين معروفين موجودين في بلدان أوروبيّة أصلا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
من منع اجتماعات بعض الأحزاب و هدّد بقتل بعض القيادات بالأسماء ؟؟؟ 

ثانيا الأطراف المتنازعة لا تتنازع إلّا حول امتيازاتها الخاصّة و المصالح السياسيّة و خاصّة الماديّة للأطراف المنتمية إليها ، و الدّليل على ذلك مواقفهم المخزية و اللّا مسؤولة و المضحكة من الاهتزازات التّي طالت البلاد (منذ جلوس مؤخّراتهم على كراسي المجلس إلى الآن) من محاصرة بعض الجهات و تعنيف مواطنيهم من قبل البوليس ، من اغتيال سياسي ، من تهريب أسلحة و عمليّات إرهابيّة في كامل أطراف البلاد ، من اهتزاز اقتصادي و تضخّم مالي و عجز فاضح للمقدرة الشّرائيّة للمواطنين من خروقات قضائيّة و قانونيّة ، من فشل سياسي ذريع في إدارة العديد من الوزارات : الداخليّة الصّحة التّشغيل إلخ ، أمّا تباطؤهم في إنجاز مهامّهم فسببه ليس انعدام الألفة أكيد و لكن هو مزيد من اختلاس أموال الشّعب و الدّليل أنّ التّنازع بين هذه الأطراف ينتهي مباشرة و يصبح الجميع يتعانقون عندما يتعلّق الامر بالزّيادات في الأجور و الامتيازات 

ثالثا ، تتحدّث عن المجهول و الفراغ السّياسي يا طزّ حكمة تونس و عار تونس ؟؟؟ أليس هناك فراغ سياسي و مجهول أكثر ممّا عشناه و نعيشه منذ تولّي التّرويكا سدّة الحكم ؟؟؟ عام و نصف من أجل صياغة دستور يحاصر الحريّات الفرديّة للمواطنين و يضعهم وجها لوجه أمام المجهول ، عام و نصف من طرائف المنسّق العام للدّستور الذّي لا يفهم ما معنى استقلال السّلطة القضائيّة و الّذي يريد حملنا لمجاهيل الاستبداد و الفاشيّة، عام و نصف من طرائف بن توميّة التّي تريد بيتا يجتمع فيه الشّهداء وتريد إهداء صياغة الدّستور للعريس ، عام و نصف من تكرّش الخائن مصطفى بن جعفر و انعدام أيّ حسّ رجولي أمام كلّ الكوارث التّي طالت البلاد ، عام ونصف من إطلالة محرزيّة البهيّة و هي تتشدّق باختلاسها لأموالنا ، عام و نصف من السّيرك الرّديء و الموتّر للأعصاب و الفاقد للمستوى الأدنى من الجديّة و الرّجولة و المسؤوليّة و التّربية و الوطنيّة ،
آش خصّ كان جاء فراغ سياسي ، على الأقلّ الفراغ فيه نوع من الهدوء ، أمّا هذا فضجيج سياسي ، نشاز سياسي ، مستنقع سياسي ، تبوجيد سياسي ، إزعاج سياسي ، إجرام سياسي ، إرهاب سياسي ،

الأكثر أنّكم لا تتحدّثون عن الفراغ السياسي الحقيقي و هو غياب ديقراطيّة قاعديّة تنبثق من الجماهير و غياب رؤية اقتصاديّة تحقّق استغلالا صحيحا و حكيما لثروات البلاد و تحقّق الأدنى من العدالة الإجتماعيّة ، و غياب اشتغال حقيقي على القضايا الحارقة التّي تشغل هذه البلاد ، الفراغ السّياسي بالنّسبة لكم هو غياب فرصة اختلاس أموال الشّعب من طرف الطّبقة السياسيّة التّي ستتولّى الحكم في المرحلة القادمة ، أمّا أبناء الشّعب فليسوا بحاجة لا لرئيس دولة و لا لحكومة و لا لمجلس تفصيصي من أجل القيام بأنشطتهم اليوميّة ، أنتم من يوهمونهم بهذا الفراغ عن طريق ترويعهم بالبوليس الذّي لا يحرّك ساكنا لحمايتهم و لكنّه يقمعهم بشراسة و غلّ يصل حدّ القتل عند مطالبتهم بحقوقهم، و بالمجرمين و المليشيات و اللّصوص الذّين أخرجتموهم من السّجون كي يقايضوهم بأمنهم ، و بالشّركات و المصانع الّتي يملكها أصدقاؤكم و رفاقكم في الاستغلال و التكرّش و السّرقة و التّي تهدّدهم بمزيد من الاستغلال أكثر ممّا كان في عهد بن علي إن هم لم يرضخوا ...

حكماء تونس اللّعنة عليكم واحدا واحدا ، أنتم شياطين تونس و كوابيسها و مصّاصو دمائها ، هذا كلّ ما في الأمر ، إرحلوا عنّا و اتركونا بسلام ، الحكمة التّي توجد في رأس أوّل مشرّد على قارعة الطّريق أحكم منكم مجتمعين فاللعنة عليكم و على كذبكم و تكلّفكم و نفاقكم

غير لزز , غير لزز

أنا لا سلطوي ليس لأنّني الثّوري الأخير و ولد قحبة على جميع  الثوّار ، و لا أعتبر نفسي منتميا لأقصى اليسار أو
l'ultragauche
مثلما يحلو للبعض تسميته و أكره هذه التّسمية الأخيرة أيّما كره و هي تزعجني أيّما إزعاج فكلمة أقصى تدلّ على زيادة الجرعة في الثّوريّة و أغراضها نرجسيّة و ادّعائيّة في غالب الأحيان ، أقصى الثوريّة بالنّسبة لي هي الثورجيّة ، لا أكثر و لا أقلّ 
أنا لا سلطوي لأنّني أؤمن أنّ الأودبيّة الفكريّة و السياسيّة و التربويّة تقوم بعمليّة إخصاء لعقولنا و مشاعرنا و تجعلنا في نوع من التبعيّة للدّيماغوجيا الفكريّة و العاطفيّة ، أنا لا سلطوي لأنّني لا أخجل من أفكاري و تساؤلاتي مهما بدت ساذجة و لأنّني لا أؤمن سوى بعقلي وحده القادر على تحرّري الفعلي و النّزيه في علاقتي الشفّافة و الخالية من أيّ وساطة بأفكاري أو أوهامي على حدّ سواء 

أنا لا سلطوي لأنّني أؤمن أنّ التنظيمات الهرميّة من أحزاب و مؤسّسات تعليميّة وتربويّة و أسريّة و دينيّة و فكريّة تقمع إبداعي الخاصّ و تعمّق إحساسي بالذّنب فقط لأنّني موجود و ذلك لتصفية حساباتها النّفسيّة و الماديّة الخاصّة عن طريقي 
أنا لا سلطوي لأنّني لا أؤمن أنّ الإقتصاد هو مركز الحياة و لا أؤمن أنّ الصّراع الطّبقي هو الصّراع الوحيد الموجود على ساحة الحياة مثلما يؤمن بذلك معظم الماركسيّين بل أؤمن أيضا بالصّراع الفكري و بالرّؤى الفلسفيّة و الأخلاقيّة التّي يمكن أن تنير عقول البشر هذا بالإضافة إلى أنّ نظريّة الصّراع الطّبقي التي تجعل ممّا يسمّى بروليتاريا الخير المطلق و البرجوازيّة الشرّ المطلق هي نظريّة سطحيّة تتغافل عن الانتهازيّة الكبرى التّي توجد في صفوف بعض الطّبقات المهمّشة و الفقيرة كما تتغافل عن الفاشيّة المتفشيّة في هذه البؤر و التّي ليس سببها الفقر فقط و إنّما أيضا كثير من العوامل النّفسيّة و الحضاريّة و الثقافية و الإجتماعيّة و الدّينيّة إلخ 

أنا لا سلطوي لأنّني لا أؤمن بالإنتاجيّة اللّا متناهية الّتي سوف تحقّق الرّفاهيّة الجماعيّة في المجتمع الشّيوعي مثلما يذهب إلى ذلك معظم الماركسيّين و لا أؤمن بما يسمّى التّنمية المستديمة و لكنّي أؤمن بالحدود الإيكولوجيّة لهذا الكوكب و أؤمن أنّ الإستغلال الفاحش و الفوضوي لخيراته من أرض صالحة للزّراعة و ماء و حيوانات و مواد أوّليّة و جبال و بحار و هضاب إلخ سوف يؤدّي إلى الخراب و استزاف هذه الخيرات جميعها و هو ما بصدد الحدوث الآن ( الكثير من الإحصائيّات في العالم التيّ تخصّ النقص الفادح للأراضي الصالحة و المياه و تلوّث الجوّ و البحر إلخ)

أنا لا سلطوي لأنّي أؤمن بالطّبيعة و الإنسان و أؤمن أنّهما منبعا الجمال و الإبداع و الحبّ و أنّ الحروب باسم الرأسماليّة أو الشيوعيّة أو القوميّة أو الدّين لا تقوم سوى بتدميرهما على حدّ سواء بهستيريا و غباء فادحين 
أنا لا سلطوي لأنّني أؤمن أنّ العمل المأجور مهما تحسّنت ظروفه هو حمل ثقيل على الإنسان لأنّه يجعله يبع نفسه من أجل حقّه المشروع في الحياة فيما الأجدر أن يكون العمل جزأ من وجوده و تحقيقا لكيانه و غاية في حدّ ذاتها 

أنا لا سلطوي لأنّني لا أؤمن أنّ الدّيمقراطيّة هي عمليّة تحدث بالوكالة في صناديق الإقتراع و التّي تمكّن البترونات السياسيّة و الأوليغارشيا العالميّة من اللّعب بمستقبلنا و من الثّراء الفاحش و بسط النّفوذ باسم الشّرعيّة الانتخابيّة دون أن يكترثوا طبعا لمشاكلنا و همومنا المباشرة و اليوميّة أمام امتيازاتهم و انتهازيّتهم و تغوّلهم السّلطوي 

انا لا سلطوي لأنّني أؤمن بأنّ الدّيمقراطيّة هي بالاساس قاعديّة و مباشرة و تنبع من الأسفل عبر تسيير ذاتي وفق محليّات يتمّ التنظّم داخلها بطرق تحدّدها اجتماعات عامّة تشاركيّة تفرز شكلا تنظيميّا للحياة اليوميّة للمواطنين و هو أمر ممكن جدّا 

أنا لا سلطوي لأنّني لا أؤمن أن السياسة هي حقل اختصاص لا يفهم فيه سوى النّخبة بل هو حقل عام يهتمّ بالشّان العام و الحياة اليوميّة و من البديهي و الضّروري أن يشارك فيه جميع المواطنين مهما بلغ مستوى جهلهم الإفتراضي 

أنا لا سلطوي لأنّي أؤمن أنّ الإنسان عفويّ ذكيّ بالفطرة و فضولي و مبدع و لا يشوّهه سوى المؤّسّسات الهرميّة و الجامدة و الاستغلاليّة و القمعيّة و الإخصائيّة بإداراتها و معاهدها و كتبها الّتي غالبا ما تحاول إقناعه بالبقاء داخل هذه السّجون و تعلّمه الغباء و الدّفاع المتذاكي عن هذا الغباء بأسنانه و أظافره 

أنا لا سلطوي لأنّني أؤمن بالعفويّة و لكنّني أؤمن أيضا و على سواء بالفنّ و العرق و الجهد الإستيتيقي من أجل هذا الفنّ ( حتّى و إن كنّا نعيش داخل أعتى الفاشيّات) كما أؤمن بالإطّلاع الإجباري على الفلسفات النيّرة قديمها و حديثها و التّي من شانها إنارتنا و نفض البهامة" العالقة في أذهاننا كما أمقت العنجهيّة و الإكتفاء الذّاتي باسم العفويّة "

أنا لا سلطوي و أسعى إلى الدّفاع عن قناعاتي و أفكاري فردا كنت أو مجموعة كما أسعى إلى تطويرها دائما و مساءلتها و نحتها قدر الإمكان 

أنا لا سلطوي و لا أنتمي إلى أقصى اليسار و أمقت هذا التّقسيم الخشبي و الكلاسيكي ، لا أدّعي الثوريّة ليلا نهارا و لا أدّعي امتلاك الحقيقة و لا الوصاية كما أمقت التشدّق بالثّوريّة ، أكره الخطاب اللّا سلطوي الخشبي و الذّي باطنه سلطة قمعيّة و ابتزازيّة و مشعرة بالذّنب أشرس و أعمق من الدّولة في حدّ ذاتها و أؤمن أنّه بإمكاني التعلّم من الأطفال مثلما الشّيوخ مثلما المتحزّبين مثلما المهمّشين ، لست مغلقا و لا أخاف على عذريّتي لأنّها مفضوضة أصلا بليالي السّهر و الصّياح في الشّوارع و النّقاشات و الخصامات و التشرّد و التمزّق و الشكّ و المكر و ضرب الرّأس على الحيطان ، 

أنا لا سلطوي و أكره ذلك اللّمعان الأحمق و النّرجسيّة الحمقاء المكتفية بذاتها في عيون الثورجيّين ممّن تحصّلوا على شهاداتهم النّهائيّة في الجامعات الثّوريّة العالميّة للسّنوبيزم و التّظاهر و التّقوحيب و النّجوميّة الثّوريّة 

أنا لا سلطوي و لا أدّعي تبنّي قضايا الفقراء و المهمّشين و لا البطولة في الدّفاع عنهم و إنقاذهم من الوحش الرّأسمالي و الحزبي لأنّني بكلّ بساطة أنتمي لهؤلاء الفقراء و لا أريد من أحد أن ينقذني أو يتبنّى قضيّتي ،( القضايا لا يقع تبنّيها ، فهي إمّا موجودة في الأعماق أم لا ) و هؤلاء الفقراء لا ينتظرون أحدا من أجل تبنّي قضاياهم أو سرقة فقرهم و ثورتهم عليه 
أنا لا سلطوي بكوارتي ، أدافع عن عقلي بكامل وجداني و وجودي

أنا لا سلطوي و أكره أن أقول إنّني لا سلطوي فذلك يفهم غالبا على أساس أنّه انتماء سياسي مغلق و الأمر أعمق من ذلك بكثير ، غير لزز ، ياسر لزز 

السبت، 20 يوليو 2013

الثّورة الثقافيّة

و الّذين يتحدّثون عن الثّورة الثقافيّة و داخل رؤوسهم ماو تسيتونق الّذي كان يعدم بعض العملة لمجرّد سرقتهم لحلّة بطاطس و الّي قام بعملّية إسقاط مجحفة لما سمّاه ثورة ثقافيّة ، هؤلاء الذّين يعتقدون أنّ الثّورة الثّقافيّة تحدث بإرادة سياسيّة أو قرار ثقافي ، أقول لهم أنا آسف ، ما يمكن أن نعتبره ثورة ثقافيّة لا يحدث لا في الدّكاكين الثقافيّة و لا حتّى في السّاحات الثقافيّة ، الثورة الثقافيّة تحدث نتيجة لحراك احتماعي و نفسي و ثقافي يكاد يكون سريّا و غامضا و هو يتبلور بصفة اجباريّة عندما تصبح القيم الاجتماعيّة السّائدة عاجزة تمام العجز عن تحقيق الحاجيّات النفسيّة و الوجوديّة و الاجتماعيّة للأفراد و المجموعات و بالتّالي يصبح القضاء عن القيم القديمة أمرا حياتيّا و ضروريّا مثل الماء و الهواء ، 
هذا ليس استنقاصا من المبادرات الفرديّة و الجماعيّة في نشر قيم و ثقافات مغايرة و لكنّه مجرّد نقد بسيط للذّوات "الثقافيّة" المتضخّمة في تونس و الّتي تؤمن إيمانا أعمى ب"القيادة" الثقافيّة ، هذا المفهوم السّطحي و المتعجرف