كان يعاملها على أساس أنّها شخص آخر و ليس هي ذاتها ، و هي تعامله على أساس أنّه شخص آخر و ليس هو ذاته ، لم يكونا اثنين ، كانا أربعة ، أربعة شخصيّات تتقاطع ، تتماهى أو تتراقص ، أربعة شخصيّات تدور حول السرّ ، حول الخطإ ،حول الضلالة ، هذه الضّلالة عينها هي الّتي كانت تحمل الشاعريّة و الغموض و الجاذبيّة ... يوما ما رحل الشّخصان الآخران ، و بقيا اثنين فقط ، اثنين باهتين ، عاريين كالبلّور ،اتّضحت الهشاشة و بدأ الانكسار ، فيما الشّخصان الآخران كان يستعدّان للنّوم داخل القصيدة
ما كان ذلك ليحصل لو أنّك لمحت شبحي الرّاقص وراءك فيما أنت تحدّقين باستغراب في جسدي الحزين الواجم كالمومياء ، ما كان ليحصل لو أنّك سمعت وشوشة الذّكريات البسيطة و هي تطرق طرقا خفيفا على بابك الصّاخب ، ما كان ليحصل لو أنّك رتّبت على جناحيْ العنقاء الخجولة الحاطّة على كتفي ، ما كان ليحصل لو أنّك شممت رائحة المجاز العابقة في غرفتي ، ماكان ليحصل لو أنّك وصلت الغامض بالغامض دون تبعثرك السّريع ، ما كان ليحصل لو أنّك أحسست بالنّار السريّة الصّاعدة من بين أصابعي ، ما كان ليحصل لو أنّك لمحت الهواجس المحلّقة مثل أخيلة الفراش فوق مخدّتي، ما كان ليحصل لو أنّك عبرت بخفّة منّي إلى آخَري
الكلّ ينتقد نائبة المجلس التّأسيسي صاحبة اقتراح "دار الشّهيد " ، و لكن من وجهة نظر سطحيّة و هو أنّ الشّهداء لا يمكن أن يعودوا إلى الحياة كي يقيموا اجتماعات داخله ، ذلك أمر بديهي و مفروغ منه و الأكيد أنّها تقصد المعنى المجازي و هو أنّ دار الشّهيد ستكون مكانا رمزيّا لذكرى الشّهداء ، و لكنّ النّقد حسب رأيي عليه أن يتّجه لمفهوم الشّهادة في حدّ ذاته ، أين يعتبرها اليمين كما اليسار ذروة الشّرف و البطولة ، فيما الشّهيد هو بالأساس مواطن مقتول حُرم من حقّه المدنّي في الحياة و ارتُكبت في حقّه العامّ جريمة يجب أن يُحاسب عليها المجرم .... اليمين كما اليسار يريدون جدّا موت الشّهيد بل و الحصول على المزيد من الشّهداء كي يمدحوهم ، كي يتخاصموا من أجل امتلاك رمزيّتهم كسلطة
المطر لا يرى المشرّدين في الشّوارع ، و القمح لا يرى الزّاحفين على الأرض جوعا ، و القطن لا يرى العراة على الأرصفة ، و الموت لا يرى دموع الأهل و الأمّهات ، و الله لا يرى اليائسين و هم يمدّون رؤوسهم إلى المشنقة ، كم أنت عمياء أيّتها الدّنيا